سياسةأخبار العالم

مطار مهرآباد الإيراني.. سُمي على قرية كانت مهرًا لأميرة قاجارية

مطار مهرآباد الإيراني

يُعد مطار مهرآباد من أعرق المطارات الإيرانية، ومن المعالم الحيوية في تاريخ الطيران المدني والعسكري في البلاد. ويقع المطار غرب العاصمة طهران، ويخدم حاليًا الرحلات الداخلية بعد أن كان المطار الرئيسي للرحلات الدولية قبل افتتاح مطار الإمام الخميني الدولي عام 2009.

يتميّز مطار مهرآباد بتاريخ طويل يرتبط بتطور الطيران في إيران، ويجمع بين البعد التاريخي والثقل الاستراتيجي، فضلاً عن جذوره العميقة المرتبطة بتاريخ الدولة القاجارية.


الموقع الجغرافي

يقع مطار مهرآباد في المنطقة التاسعة من العاصمة الإيرانية طهران، وتحديدًا في شارع ميراج، بالقرب من ساحة آزادي، وهي واحدة من الساحات الشهيرة في المدينة. ساهم موقعه الاستراتيجي في جعله مركزًا رئيسيًا للنقل الجوي لعقود طويلة.


أصل التسمية.. من حسين آباد إلى مهرآباد

تعود تسمية المطار إلى قرية تاريخية كانت تُعرف باسم “حسين آباد“، والتي كانت مملوكة لـالحاج ميرزا آغاسي، الصدر الأعظم في عهد محمد شاه القاجار.
لاحقًا، أُهديت هذه الأراضي إلى ناصر الدين شاه، الذي قدّمها بدوره كمهر لابنته الأميرة عصمت الدولة، إحدى أبرز أميرات القاجار. وبناءً على ذلك، تغير اسم القرية إلى “مهرآباد”، نسبة إلى كلمة “مهر” بمعنى المهر أو الحب.


البداية والنشأة

بدأ العمل على إنشاء مطار مهرآباد في ثلاثينيات القرن العشرين، ضمن خطة حكومية لتطوير شبكة النقل الجوي في إيران.
في عام 1938، تم تأسيس نادي الطيارين في منطقة مهرآباد، ما شكل الانطلاقة الفعلية لبناء مطار معتمد للطيران المدني والعسكري.

وفي عام 1946، أُرسلت أول مجموعة من طياري القوات الجوية الإيرانية إلى الولايات المتحدة للتدريب، مما شكّل نقطة تحول في تطوير القدرات الجوية للبلاد، ورفع من أهمية المطار كمركز تدريبي وتشغيلي.

مع نهاية الأربعينيات، وتحديدًا عام 1949، بدأت القوات الجوية الإيرانية بتسيير رحلات جوية منتظمة من مهرآباد باستخدام طائرات من طراز (T-86 وF-33)، ما عزز مكانة المطار كمركز عمليات جوية بارز.


نمو المطار وتوسعاته

شهد مطار مهرآباد نموًا متسارعًا مع انضمام إيران إلى منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، وازدياد الحاجة إلى تطوير قطاع الطيران.
في عام 1955، شُيّد أول مدرج إسفلتي ضمن خطة توسعة شاملة. وعلى الرغم من أن المطار بُني خارج النطاق العمراني لمدينة طهران، إلا أن النمو السكاني والتمدن السريع ضمّاه لاحقًا إلى النسيج الحضري للعاصمة.


من بوابة دولية إلى مركز داخلي

حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، كان مهرآباد يخدم كأكبر مطار في إيران لجميع الرحلات الداخلية والدولية. ومع افتتاح مطار الإمام الخميني الدولي عام 2009، نُقلت معظم الرحلات الخارجية إليه، ليُخصَّص مهرآباد بالكامل للرحلات المحلية.

ورغم تقليص دوره الدولي، لا يزال المطار يُعتبر شريانًا حيويًا للنقل الجوي داخل إيران، ويشهد يوميًا حركة نشطة للركاب والبضائع بين المحافظات.


الهجوم الإسرائيلي عام 2025

في 15 يونيو/حزيران 2025، تعرّض مطار مهرآباد لقصف إسرائيلي ضمن عملية عسكرية أطلقتها تل أبيب باسم “الأسد الصاعد“، استهدفت خلالها مواقع استراتيجية إيرانية، من بينها منشآت نووية وقواعد صواريخ ومراكز عسكرية.

ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، فإن الضربة الجوية أصابت مناطق خلف مبنى معدات المركبات الجوية وحظائر الطائرات الحربية، دون تسجيل أضرار مباشرة في المدارج أو مرافق المطار الأساسية.

ورغم نفي السلطات الإيرانية وقوع أضرار كبيرة، فإن استهداف مطار بحجم مهرآباد عُدّ رسالة رمزية قوية، نظرًا لمكانته التاريخية والاستراتيجية في البنية العسكرية الإيرانية.


أهمية استراتيجية وثقافية

يتجاوز مطار مهرآباد كونه مجرد منشأة للنقل الجوي؛ فقد مثّل لسنوات طويلة واجهة للحداثة الإيرانية في مجال الطيران، ومركزًا لصناعة الطيران المدني والعسكري، كما ارتبط اسمه بمحطات حاسمة في التاريخ الإيراني الحديث.

من الناحية الرمزية، يعكس اسمه الممتد من زمن القاجاريين بُعدًا ثقافيًا واجتماعيًا، حيث تداخل فيه التاريخ الشخصي للعائلة الملكية مع الجغرافيا والتحولات الحديثة في البنية التحتية الإيرانية.


خاتمة

يمثّل مطار مهرآباد حلقة وصل بين الماضي الملكي لإيران، وحاضرها العسكري والمدني. من قرية كانت مهراً لأميرة، إلى قاعدة طيران حديثة استُهدفت في صراعات إقليمية، يجسد المطار قصة تطور عمراني، وسياسي، وتقني، تعكس ملامح التحول في الدولة الإيرانية عبر قرن من الزمن.

 

المصدر : قناة الجزيرة نت